وقال سبحانه : (قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ). (١)
فالآيات النازلة في تنزيهه تعالى عن الظلم والقبائح إمّا راجعة إلى أفعاله سبحانه ، ومدلولها أنّه سبحانه منزّه عن فعل القبيح مطلقاً ، وإمّا راجعة إلى أفعال العباد ، ومدلولها أنّه تعالى لا يرضاها ، ولا يأمر بها بل يكرهها وينهى عنها ، فالتفصيل بين حسنات أفعال العباد وقبائحها إنّما يتمّ بالنسبة إلى الإرادة والقضاء التشريعيين ، لا التكوينيين ، وهذا هو مذهب أئمّة أهل البيت عليهمالسلام.
روى الصدوق بأسناده عن الرضا عن آبائه عن الحسين بن علي عليهمالسلام قال : سمعت أبي علي بن أبي طالب عليهالسلام يقول :
«الأعمال على ثلاثة أحوال : فرائض ، وفضائل ، ومعاصي. فأمّا الفرائض فبأمر الله تعالى وبرضى الله وبقضائه وتقديره ومشيّته وعلمه. وأمّا الفضائل فليست بأمر الله ، ولكن برضى الله وبقضاء الله وبقدر الله وبمشيّة الله وبعلم الله. وأمّا المعاصي فليست بأمر الله ، ولكن بقضاء الله وبقدر الله وبمشيّة الله وبعلمه ، ثمّ يعاقب عليها». (٢)
وقال أبو بصير : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : شاء لهم الكفر وأراده؟ فقال : «نعم» قلت : فأحبّ ذلك ورضيه؟ فقال : «لا» قلت : شاء وأراد ما
__________________
(١) الأعراف : ٢٩.
(٢) بحار الأنوار : ٥ / ٢٩ نقلاً عن التوحيد والخصال والعيون.