الفعل اختيارياً وإلّا تخلّف متعلّق الإرادة ... فخطأ المجبرة في عدم تمييزهم كيفيّة تعلّق الإرادة الإلهية بالفعل .... (١)
قالوا : «إنّ العبد لو كان موجداً لفعله بقدرته فلا بدّ من أن يتمكن من فعله وتركه ، وإلّا لم يكن قادراً عليه ، إذ القادر من يتمكّن من كلا الطرفين. وعلى هذا يتوقّف ترجيح فعله على تركه على مرجّح ، وإلّا لزم وقوع أحد الجائزين بلا مرجِّح وسبب وهو محال ، وذلك المرجِّح إن كان من العبد وباختياره لزم التسلسل الباطل ، لأنّا ننقل الكلام إلى صدور ذلك المرجِّح عن العبد فيتوقّف صدوره عنه إلى مرجِّح ثان وهكذا ....
وإن كان من غيره وخارجاً عن اختياره ، فبما أنّه يجب وقوع الفعل عند تحقّق المرجِّح ، والمفروض أنّ ذلك المرجِّح أيضاً خارج عن اختياره ، فيصبح الفعل الصادر عن العبد ، ضروريّ الوقوع غير اختياري له». (٢)
والجواب عنه : أنّ صدور الفعل الاختياري من الإنسان يتوقّف على مقدّمات ومبادئ من تصوّر الشيء والتصديق بفائدته والاشتياق إلى تحصيله وغير ذلك من المقدمات ، ولكن هذه المقدمات لا تكفي في تحقّق الفعل وصدوره منه إلّا بحصول الإرادة النفسانية الّتي يندفع بها الإنسان نحو الفعل ، ومعها يكون الفعل واجب التحقّق وتركه ممتنعاً.
__________________
(١) الميزان : ١ / ٩٩ ـ ١٠٠.
(٢) شرح المواقف : ٨ / ١٤٩ ـ ١٥٠ ، بتلخيص وتصرّف.