والجواب عنه : أنّا نختار الشقّ الأوّل من الاستدلال ولكن لا بمعنى المعرفة التفصيلية حتى يكون تحصيلاً للحاصل ، بل المعرفة الإجمالية الباعثة على تحصيل التفصيلية منها.
توضيح ذلك : أنّ التكليف بمعرفة الله تعالى تكليف عقلي ، يكفي فيه التوجّه الإجمالي إلى أنّ هناك منعماً يجب معرفته ومعرفة أسمائه وصفاته شكراً لنعمائه ، أو دفعاً للضرر المحتمل.
قد ثبت في الفلسفة الأُولى أنّ الموجود الممكن ما لم يجب وجوده من جانب علّته لم يتعيّن وجوده ولم يوجد ، وذلك : لأنّ الممكن في ذاته لا يقتضي الوجود ولا العدم ، فلا مناص لخروجه من ذلك إلى مستوى الوجود من عامل خارجي يقتضي وجوده ، ثمّ ما يقتضي وجوده إمّا أن يقتضي وجوبه أيضاً أو لا؟ فعلى الأوّل وجب وجوده ، وعلى الثاني ، بما أنّ بقاءه على العدم لا يكون ممتنعاً بعدُ ، فيسأل : لما ذا اتّصف بالوجود دون العدم؟ وهذا السؤال لا ينقطع إلّا بصيرورة وجود الممكن واجباً وبقائه على العدم محالاً ، وهذا معنى قولهم : «إنّ الشيء ما لم يجب لم يوجد».
هذا برهان القاعدة ، ورتّب عليها القول بالجبر ، لأنّ فعل العبد ممكن فلا يصدر منه إلّا بعد اتّصافه بالوجوب ، والوجوب ينافي الاختيار.
والجواب عنه : أنّ القاعدة لا تعطي أزيد من أنّ المعلول إنّما يتحقّق بالإيجاب المتقدّم على وجوده ، ولكن هل الإيجاب المذكور جاء من