فبيّن أنّ آجالهم كانت مشترطة في الامتداد بالبرّ والانقطاع عن الفسوق ، وقال تعالى فيما أخبر به عن نوح عليهالسلام في خطابه لقومه : (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً* يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً) (١)
فاشترط لهم في مدّ الأجل وسبوغ النعم الاستغفار ، فلو لم يفعلوا قطع آجالهم وبتَّر أعمالهم واستأصلهم بالعذاب ، فالبداء من الله تعالى يختصّ بما كان مشترطاً في التقدير وليس هو انتقالاً من عزيمة إلى عزيمة ، تعالى الله عما يقول المبطلون علوّاً كبيراً. (٢)
قد اتّضح ممّا تقدّم أنّ المقصود بالبداء ليس إلّا تغيير المصير والمقدّر بالأعمال الصالحة والطالحة وتأثيرها في ما قدّر الله تعالى لهم من التقدير المشترط ، ولإيضاح هذا المعنى نشير إلى نماذج من الآيات القرآنية وما ورد من الروايات في تغيير المصير بالأعمال الصالحة والطالحة.
١. قال سبحانه : (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ). (٣)
٢. وقال سبحانه : (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ). (٤)
__________________
(١) نوح : ١٠ ـ ١١.
(٢) تصحيح الاعتقاد : ٥٠ ، ولاحظ ايضاً : أوائل المقالات : ٥٢ ، باب القول في البداء والمشيئة.
(٣) الرعد : ١١.
(٤) الأنفال : ٥٣.