الأزل استحال أن تتعلّق المشيئة بخلافه. وبعبارة أخرى : ذهبوا إلى أنّ الله قد فرغ من أمر النظام وجفّ القلم بما كان فلا يمكن لله سبحانه محو ما أثبت وتغيير ما كتب أوّلاً.
وهذا المعنى من النسخ الّذي أنكرته اليهود هو بنفسه كما ترى حقيقة البداء بالمعنى الّذي تعتقده الشيعة الإمامية كما عرفت ، فإنكاره من العقائد اليهودية الّتي تسرّت إلى المجتمعات الإسلامية في بعض الفترات واكتسى ثوب العقيدة الإسلامية ، مع أنّ القرآن الكريم يردّ على اليهود في عقيدتهم هذه ويقول :
(يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ). (١)
ويقول أيضاً : (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) (٢).
وقد حكى سبحانه عقيدة اليهود بقوله : (وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ) (٣).
فهذا القول عنهم يعرب عن عقيدتهم في حق الله سبحانه ، وأنّه مسلوب الإرادة تجاه كلّ ما كتب وقدّر ، وبالنتيجة عدم قدرته على الانفاق زيادة على ما قدّر وقضى ، فردّ الله سبحانه عليهم بإبطال تلك العقيدة بقوله :
(بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ) (٤).
ولأجل ذلك فسَّر الإمام الصادق عليهالسلام الآية بقوله : «ولكنّهم (اليهود) قالوا :
__________________
(١) الرعد : ٣٩.
(٢) الرحمن : ٢٩.
(٣) المائدة : ٦٤.
(٤) المائدة : ٦٤.