ولا يتحقّق الإعجاز إلّا إذا عجز الناس عن القيام بمعارضة ما أتى به مدّعي النبوّة ، ويترتّب على هذا أنّ ما يقوم به كبار الأطباء والمخترعين من الأُمور العجيبة خارج عن إطار الإعجاز ، كما أنّ ما يقوم به السّحرة والمرتاضون من الأعمال المدهشة ، لا يعدّ معجزاً لانتفاء هذا الشرط.
ومن شرائط كون الإعجاز دليلاً على صدق دعوى النبوّة أن يكون فعل المدّعي مطابقاً لدعواه ، فلو خالف ما ادّعاه لما سمّي معجزة وإن كان أمراً خارقاً للعادة ، ومن ذلك ما حصل من مسيلمة الكذّاب عند ما ادّعى أنّه نبي ، وآية نبوّته أنّه إذا تفل في بئر قليلة الماء ، يكثر ماؤها ، فتفل فغار جميع ماؤها.
إنّ دلالة المعجزة على صدق دعوى النبوّة يتوقّف على القول بالحسن والقبح العقليين ، لأنّ الإعجاز إنّما يكون دليلاً على صدق النبوّة ، إذا قبح في العقل إظهار المعجزة على يد الكاذب ، فإذا توقّف العقل عن إدراك قبحه واحتمل صحّة إمكان ظهوره على يد الكاذب ، لا يقدر على التمييز بين الصادق والكاذب ، فالّذين أنكروا حكم العقل بهما ، يلزم عليهم سدّ باب التصديق بالنبوّة من طريق الإعجاز ، قال العلّامة الحلّي :
لو كان الحسن والقبح باعتبار السمع لا غير لما قبح من الله تعالى شيء ، ولو كان كذلك لما قبح منه تعالى إظهار المعجزات على يد الكاذبين ، وتجويز ذلك يسدّ باب معرفة النبوّة ، فإنّ أيّ