وهذا هو الّذي بعث الأُمم إلى سؤال المعجزة على صدق دعوى النبوّة كلّما جاءهم رسول من أنفسهم. (١)
إنّ هناك جهات من التمايز والتفارق بين المعجزة والكرامة وبين غيرهما من خوارق العادات وهي :
الجهة الأُولى من حيث طريق الحصول عليها ، فإنّ المعجزة والكرامة وليدتان لعناية إلهية خاصة ، وليس السّبب لهما ممّا تناله يد الدراسة والتعلّم ، ولكنّ السّحر ونحوه نتاج التعليم والتعلّم ولها مناهج تعليمية يجب ممارستها حتّى يصل طالبها إلى النتائج المطلوبة يقول سبحانه :
(وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ)(٢).
ولمّا كان السحر ونحوه رهن التعليم والتعلّم ، فهو متشابه في نوعه ، متّحد في جنسه ، يدور في فلك واحد ، ولا يخرج عن نطاق ما تعلّمه أهله ولذا لا يأتون إلّا بما تدرّبوا عليه ، بخلاف معجزة الأنبياء فإنّه على جانب عظيم من التنوّع في الكيفيّة إلى حدّ قد لا يجد الإنسان بين المعجزات قدراً
__________________
(١) الميزان : ١ / ٨٦.
(٢) البقرة : ١٠٢.