صميم وجود النحل من غريزة إلهية تهديه إلى أعماله الحيويّة الخاصّة.
ومنها قوله سبحانه : (وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ) (١) حيث إنّ تفهيم أُمّ موسى مصير ولدها كان بإلهام وإعلام خفي ، عبّر عنه بالوحي.
ومنها قوله تعالى في وصف زكريّا :
(فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا) (٢).
والمعنى : أشار إليهم من دون أن يتكلّم ، لأمره سبحانه إيّاه أن لا يكلّم الناس ثلاث ليال سويّاً ، فأشبه فعله ، إلقاء الكلام بخفاء لكون الإشارة أمراً مبهماً.
ومنها قوله تعالى : (وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ) (٣) ويعلم وجه استعمال الوحي هنا ممّا ذكرناه فيما سبقه.
إنّ الغالب في استعمال كلمة الوحي في القرآن هو كلام الله المنزل على نبيّ من أنبيائه ، فكلّما أطلق الوحي وجرّد عن القرينة يراد منه ذلك ، وهذا هو الّذي نحن بصدد بيان حقيقته ، فنقول : الوحي الّذي يختصّ به الأنبياء إدراك خاصّ متميّز عن سائر الإدراكات فإنّه ليس نتاج الحسّ ولا
__________________
(١) القصص : ٧.
(٢) مريم : ١١.
(٣) الأنعام : ١٢١.