والقرآن يردّ مقالتهم ويركّز على أنّ الوحي أمر واقعي مفاض من الله سبحانه ، ويقول:
(وَالنَّجْمِ إِذا هَوى * ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى * وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى) (١).
وكذلك يقول : (ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى) (٢) أي لم يكذّب فؤاد محمّد صلىاللهعليهوآله ما أدركه بصره ، أي كانت رؤيته صحيحة غير كاذبة وإدراكا حقيقياً.
وكذلك يقول : (ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى) (٣) كناية عن صحّة رؤيته وإنّه لم يبصر ما أبصره على غير صفته الحقيقية ولا أبصر ما لا حقيقة له.
والحاصل : أنّ الأنبياء كانوا يعرّفون أنفسهم بأنّهم مبعوثون من جانب الله تعالى ولا شأن لهم إلّا إبلاغ الرسالات الإلهيّة إلى الناس.
ولا ريب في أنّهم كانوا صادقين في أقوالهم ـ كما اعترف به صاحب النظريّة ـ وعندئذ لو قلنا بأنّ ما ذكروه غير مطابق للواقع وأنّ ما أتوا به من المعارف والشرائع لم يكن رسالات إلهية وذكراً من جانبه سبحانه ، بل كان نابعاً من باطن ضميرهم وتجلّيات نفوسهم ، لكان الأنبياء قاصرين في مجال المعرفة ، ما زالوا في جهل مركب ، وهذا ما لا يتفوّه به من له أدنى معرفة
__________________
(١) النجم : ١ ـ ٥.
(٢) النجم : ١١.
(٣) النجم : ١٧.