بمقالات الأنبياء وشخصياتهم الجليلة في مجال العلم والعمل ، بل يأبى العقل والفطرة من اتّسام من دونهم بمراتب من رجالات العلم والدّين بمثل هذا الجهل والخبط.
إنّ جماعة من الغربيّين فسّروا الوحي بما أثبتوه في أبحاثهم النفسية من الشخصيّة الباطنة لكلّ إنسان ، وقد جرّبوا ذلك على المنوَّمين تنويماً مغناطيسياً ، فوجدوا أنّ النائم يظهر بمظهر من الحياة الروحية لا يكون له وهو يقظان ، فيعلم الغيب ويخبر عن البعيدين ، يبصر ويسمع ويحسّ بغير حواسه الظاهرة ويكون على جانب كبير من التعقّل والإدراك.
قالوا : هذه الشخصيّة هي الّتي تهدي الإنسان بالخواطر الجيّدة من خلال حجبه الجسمية الكثيفة ، وهي الّتي تعطيه الإلهامات الطيّبة الفجائية في الظروف الحرجة ، وهي الّتي تنفث في روع الأنبياء ما يعتبرونه وحياً من الله ، وقد تظهر له متجسّدة فيحسبونها من ملائكة الله هبطت عليهم من السماء. (١)
يلاحظ عليه أوّلاً : أنّ هذه النظريّة على فرض صحتها لا دلالة لها على أنّ خصوص الوحي عند الأنبياء من سنخ إفاضة الشخصية الباطنية وتجلّيها عند تعطّل القوى الظاهرية.
وثانياً : أنّ الشخصيّة الباطنية للإنسان إنّما تتجلّى وتجد مجالاً للظهور
__________________
(١) لاحظ : دائرة المعارف لفريد وجدي : ١٠ / ٧١٢ ـ ٧١٦.