إذا ثبتت عصمة الأنبياء في التبليغ ، يجوز الاستناد بكلامهم في العصمة عن المعاصي ، وعلى ضوء ذلك نقول : يصف القرآن الكريم الأنبياء بالعصمة بلطائف البيان ودقائقه ، نكتفي بالإشارة إلى نموذج منها ، قال عزوجل ـ بعد ذكره عدّة من الأنبياء ـ : (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) (١).
وقال في موضع آخر : (وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ) (٢).
ثمّ بيّن أنّ المعصية ضلالة بقوله : (وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً) (٣)
فإذا كان الأنبياء مهديّين بهداية الله ، ومن هداه الله لا تتطرّق إليه الضلالة ، وكانت المعصية نفس الضلالة ، فينتج أنّ المعصية لا سبيل لها إلى الأنبياء.
إنّ صيانة النبيّ عن الخطأ والاشتباه في مجال تطبيق الشريعة (مثل أن يسهو في صلاته ، أو يغلط في إجراء الحدود) والأُمور العادية المرتبطة بحياته الشخصية (مثل خطائه في مقدار دينه للناس) ممّا طرح في علم الكلام ، وطال البحث فيه بين المتكلّمين ، فالظاهر من الأشاعرة والمعتزلة
__________________
(١) الأنعام : ٩٠.
(٢) الزمر : ٣٧.
(٣) يس : ٦٢.