تجويزهم السهو على الأنبياء في هذا المجال ، فإنّهم جوّزوه في صدور الصغائر من الذنوب ، فتجويزه في غيره أولى ، وأمّا الإمامية ، فالصدوق وأستاذه محمّد بن الحسن بن الوليد جوّزاه (١) ، ولكن مشهور المحقّقين على خلافه (٢) وقد ألّف غير واحد منهم كتباً ورسائل في نفي السهو عن النبيّ ، وقد فصّل العلّامة المجلسي في البحار (٣) الكلام في المسألة ، وأطنب في بيان شذوذ الأخبار الّتي استند إليها القائلون بالسهو ، وناقشها بأدلّة متعدّدة السيد عبد الله شُبّر في كتابيه : «حقّ اليقين» (٤) و «مصابيح الأنوار» (٥)
والحقّ أنّ الدليل العقلي الدالّ على لزوم عصمة النبيّ في مجال تبليغ الرسالة دالّ ـ بعينه ـ على عصمته عن الخطأ في تطبيق الشريعة وأُموره الفردية ، فإنّ التفكيك بين صيانة النبيّ في مجال الوحي ، وصيانته في سائر المجالات وإن كان أمراً ممكناً عقلاً ، لكنّه كذلك بالنسبة إلى عقول الناضجين في الأبحاث الكلامية ، وأمّا عامّة الناس فإنّهم غير قادرين على التفكيك بين تينك المرحلتين ، بل يجعلون السهو في إحداهما دليلاً على إمكان تسرّب السهو في الأُخرى. فلا بدّ لسدِّ هذا الباب الّذي ينافي الغاية المطلوبة من إرسال الرسل ، من أن يكون النبيّ مصوناً عن الخطأ في عامّة المراحل.
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٣٤ ـ ٢٣٥.
(٢) للوقوف على أقوالهم راجع : الإلهيات : ٢ / ١٨٩ ـ ١٩٠.
(٣) بحار الأنوار : ١٧ / ٩٧ ـ ١٢٩ ، الباب ١٦.
(٤) حقّ اليقين : ١ / ١٢٤ ـ ١٢٩.
(٥) مصابيح الأنوار : ٢ / ١٣٣.