والجواب عنها : أنّ هذه الإشكالات ناشئة من عدم الوقوف على رسالة برهان النظم ومدى ما يسعى إلى اثباته ، إنّ رسالة برهان النظم تتلخّص في إثبات أنّ النظام السائد في الكون ليس ناشئاً من الصدفة ولا من خاصيّة ذاتية للمادّة العمياء ، بل وجد بعقل وشعور ومحاسبة وتخطيط ، فله خالق عالم قادر.
وأمّا أنّ هذا الخالق الصانع هو الله الواجب الوجوب الأزلي الأبدي أم لا ، وأنّ علمه بالنظام الأحسن هل هو ذاتي فعلي أو انفعالي تدريجى ، وأنّ النظام الموجود هل هو أحسن نظام أو لا؟ فهي ممّا لا يتكفّل بإثباته هذا البرهان ولا أنّه في رسالته ولا مقتضاه ، بل لا بدّ في هذا المورد من الاستناد إلى براهين أُخرى مثل برهان الإمكان والوجوب ، والاستناد بقواعد عقلية بديهية أو مبرهنة مذكورة في كتب الفلسفة والكلام ، مثل أنّ علمه تعالى ذاتي فعلي وليس بانفعالي تدريجى ، وأنّ النظام الكياني ناشئ عن النظام الربّاني ومطابق له ، وذلك النظام الربّاني العلمي أكمل نظام ممكن ، إلى غير ذلك من الأُصول الفلسفية.