والدليل الواضح على إعجاز القرآن في مجال الفصاحة والبلاغة أنّ العرب في عصر الرسالة وقبله كانوا على درجة عالية من الفصاحة والبلاغة والنبيّ صلىاللهعليهوآله قد عاش بينهم أربعين سنة لم يأت بكلام يتحدّى به ، فإذا هو ادّعى النبوة وأتى بالقرآن الكريم وتحدّى به على صدق دعواه وعجز المشركون عن معارضته ، مع أنّهم قاموا بالمكافحة معه بكلّ ما كان في مقدرتهم ، وقد تحمّلوا مصاعب ومصائب كثيرة في هذا المجال ، فإن كانت المعارضة مع النبيّ صلىاللهعليهوآله من طريق الإتيان بكلام يماثل القرآن في الفصاحة والبلاغة ممكنة لهم عارضوه بذلك بلا ريب ، ولو فعلوا ذلك لنقل في التاريخ نقلا متواتراً لكثرة الدعاوي على ذلك مع كثرة المخالفين والمعاندين للإسلام.
إنّ التاريخ قد ضبط اعتراف مجموعة كبيرة من فصحاء العرب بهذا الأمر نشير إلى نماذج منها :
أ) الوليد بن المغيرة : كان الوليد بن المغيرة شيخاً كبيراً ومن حكّام العرب يتحاكمون إليه في أمورهم وينشدونه الأشعار ، فما اختاره من الشّعر كان مقدّماً مختاراً ، يروي التاريخ أنّه سمع آيات من القرآن عند ما كان يتلوها النبيّ صلىاللهعليهوآله ولمّا سمع ذلك قام حتّى أتى مجلس قومه بني مخزوم فقال :
والله لقد سمعت من محمّد آنفاً كلاماً ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجنّ ، وأن له لحلاوة ، وأنّ عليه لطلاوة ، وأن أعلاه