قومك قد قالوا لي كذا وكذا ، فو الله ما برحوا يخوّفونني أمرك حتّى سددت أُذني بكرسف لئلّا أسمع قولك ، ثمّ أبى الله إلّا أن يسمعني قولك فسمعته قولاً حسناً ، فأعرض عليَّ أمرك.
قال : «فعرض عليَّ رسول الله صلىاللهعليهوآله الإسلام وتلا عليَّ القرآن ، فلا والله ما سمعت قولاً قطّ أحسن منه ، ولا أمراً أعدل منه ، فأسلمت وشهدت شهادة الحق». (١)
الرأى السائد بين المسلمين في إعجاز القرآن هو كونه في الطبقة العليا من الفصاحة والدرجة القصوى من البلاغة مع ما له من النظم الفريد والأُسلوب البديع. وهناك مذهب آخر نجم في القرن الثالث اشتهر بمذهب الصّرفة وإليه ذهب جماعة من المتكلّمين ، وأقدم من نسب إليه هذا القول أبو إسحاق النظّام ، وتبعه أبو إسحاق النصيبي ، وعبّاد بن سليمان الصيمري ، وهشام بن عمرو الفوطي وغيرهم من المعتزلة ، واختاره من الإمامية الشيخ المفيد في «أوائل المقالات» وإن حكي عنه غيره ، والسيّد المرتضى في رسالة أسماها ب «الموضح عن جهة إعجاز القرآن» والشيخ الطوسي في شرحه لجمل السيّد ، وإن رجع عنه في كتابه «الاقتصاد» وابن سنان الخفاجي (المتوفّى ٤٦٤ ه) في كتابه «سرّ الفصاحة».
وحاصل هذا المذهب هو أنّه ليس الإتيان بمثل القرآن من حيث
__________________
(١) السيرة النبوية : ١ / ٣٨٢ ـ ٣٨٣.