إعجاز القرآن من جهات أُخرى
قد تعرّفت على الإعجاز البياني للقرآن الكريم ، غير أنّ له جهات أُخرى من الإعجاز لا يختصّ فهمها بمن كان عارفاً باللغة العربيّة وواقفاً على فنون البلاغة في الكلام ، وهذه العمومية في الإعجاز هي الّتي يدلّ عليها قوله تعالى :
(قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) (١).
فلو كان التحدّي ببلاغة بيان القرآن وجزالة أُسلوبه فقط لم يتعدّ التحدّي العرب العرباء ، وقد قرع بالآية أسماع الإنس والجن ، فإطلاق التحدّي على الثقلين ليس إلّا في جميع ما يمكن فيه التفاضل في الصفات ، فالقرآن آية للبليغ في بلاغته وفصاحته ، وللحكيم في حكمته ، وللعالم في علمه ، وللمقنّنين في تقنينهم ، وللسياسيين في سياستهم ، ولجميع العالمين فيما لا ينالونه جميعاً كالغيب وعدم الاختلاف في الحكم والعلم والبيان ، وإليك فيما يلى بيان تلك الجهات :
__________________
(١) الإسراء : ٨٨.