قال سبحانه :
(الم* غُلِبَتِ الرُّومُ* فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ* فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ) (١).
ينقل التاريخ أنّ دولة الروم ـ وكانت دولة مسيحية ـ انهزمت أمام دولة الفرس ـ وهي وثنية ـ بعد حروب طاحنة بينهما سنة ٦١٤ م ، فاغتمّ المسلمون لكونها هزيمة لدولة إلهية أمام دولة وثنيّة وفرح المشركون ، وقالوا للمسلمين بشماتة : إنّ الروم يشهدون أنّهم أهل كتاب وقد غلبهم المجوس ، وأنتم تزعمون أنّكم ستغلبوننا بالكتاب الّذي أُنزل عليكم فسنغلبكم كما غلبت الفرس الروم.
فعند ذلك نزلت هذه الآيات الكريمات تُنبئ بأنّ هزيمة الروم هذه سيعقبها انتصار لهم في بضع سنين ، وهي مدّة تتراوح بين ثلاث سنوات وتسع ، تُنبّئ بذلك ، وكانت المقدّمات والأسباب على خلافه ، لأنّ الحروب الطاحنة أنهكت الدولة الرومانية حتى غزيت في عقر دارها كما يدلّ عليه قوله : (فِي أَدْنَى الْأَرْضِ) ، ولأنّ دولة الفرس كانت دولة قويّة منيعة ، وزادها الانتصار الأخير قوّة ومنعة ، ولكنّ الله تعالى أنجز وعده وحقّق تنبّؤ القرآن في بضع سنين ، فانتصر الروم سنة ٦٢٢ م.
__________________
(١) الروم : ١ ـ ٤.