وأيضاً إنّ الظاهر من قوله : (إِنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ). هو ما يفعله الإنسان في حياته الدنيا ، فوحدة السّياق في الأفعال المستعملة في الآية أعنى «ترى» و «تحسبها» و «تمر» و «تفعلون» قرينة على أنّ المقصود حركة الجبال في هذا النظام الموجود ، وبما أنّ الجبال راسخة في الأرض فحركتها تلازم حركة الأرض ، وتخصيصها بالذكر لبيان عظمة قدرته تعالى على حركة هذه الأشياء العظيمة الثقيلة كالسحاب ، وتشبيه حركتها بالسحاب لبيان أنّ حركة الأرض دائمة أوّلاً ، وأنّها متحقّقة بهدوء وطمأنينة ثانياً.
القرآن الكريم يبحث عن أسرار الجبال وفوائدها في آيات شتّى ، منها أنّها حافظة لقطعات القشرة الأرضية ، تقيها من التفرّق والتبعثر ، كما أنّ الأوتاد والمسامير تمنع القطعات الخشبية عن الانفصال ، يقول سبحانه :
(وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهاراً وَسُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (١).
إلى غير ذلك من الآيات ، هذا وأساتذة الفيزياء والتضاريس الأرضية يفسّرون كون الجبال أوتاداً للأرض بشكل علمي خاصّ ، لا يقف عليه إلّا المتخصّص في تلك العلوم والمطّلع على قواعدها. (٢)
__________________
(١) النحل : ١٥.
(٢) راجع في ذلك : تفسير سورة الرعد لشيخنا الأستاذ ـ دام ظلّه ـ «قرآن وأسرار آفرينش» (فارسي).