وفي الختام نؤكّد على ما أشرنا إليه في صدر البحث من أنّ المقصود الأعلى للقرآن هو الهداية والتزكية وليس من شأنه تبيين قضايا العلوم الطبيعية ونحوها وإنّما يتعرّض لذلك أحياناً لأجل الاهتداء إلى المعارف الإلهية ، وعلى ذلك فلا يصحّ لنا الإكثار في هذا النوع من الإعجاز وتطبيق الآيات القرآنية على معطيات العلوم حتى وإن لم يكن ظاهراً فيها ، بل يجب أن يعتمد في تفسيرها على نفس الكتاب أو الأثر المعتبر من صاحب الشريعة ومن جعلهم قرناء الكتاب وأعداله ـ صلوات الله عليه وعليهم أجمعين ـ.
إنّ التشريع القرآني شامل لجميع النواحي الحيويّة في حياة البشر يرفع بها حاجة الإنسان في جميع المجالات ، من الاعتقاد والأخلاق والسياسة والاقتصاد وغيرها ، إنّ نفس وجود تلك القوانين في جميع تلك الجوانب ، معجزة كبرى لا تقوم بها الطاقة البشريّة واللجان الحقوقية ، خصوصاً مع اتصافها بمرونة خاصّة تجامع كلّ الحضارات والمجتمعات البدائية والصناعية المتطورة ، يقول الإمام الباقر عليهالسلام في هذا المجال :
«إن الله تعالى لم يدع شيئاً تحتاج إليه الأُمّة إلّا أنزله في كتابه وبيَّنه لرسوله ، وجعل لكل شيء حدّاً ، وجعل عليه دليلاً يدلّ عليه». (١)
والدليل الواضح على ذلك أنّ المسلمين عند ما بسطوا ظلال دولتهم
__________________
(١) الكافي : ١ / ٥٩.