على أكثر من نصف المعمورة ، وأُمم الأرض كانت مختلفة في جانب العادات والوقائع والأحداث ، رفعوا ـ رغم ذلك ـ صرح الحضارة الإسلامية وأداروا المجتمع الإسلامي طيلة قرون في ظلّ الكتاب والسنّة من غير أن يستعينوا بتشريعات أجنبيّة ، وسنرجع إلى هذا البحث عند الكلام حول الخاتمية.
إنّ صحائف تاريخ حامل الرسالة أوضح دليل على أنّه لم يدخل مدرسة ، ولم يحضر على أحد للدراسة وتعلّم الكتاب ، وقد صرّح بذلك القرآن بقوله :
(وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ). (١)
كيف وقد عاش وتربّى في بلد كان أهله محرومين من فنون العلم والحضارة آنذاك ولذلك وصفهم القرآن ب «الأميين» ، فبالرغم من مغالطة قساوسة الغرب والمستغربة وتشبثاتهم بمراسيل عن مجاهيل ، وانتحالات الملاحدة في هذا الأمر ، فإنّ أُمّيّة النبيّ صلىاللهعليهوآله وقومه تموج بالشواهد الواضحة من الكتاب والتاريخ والحديث. (٢)
نعم لمّا أحسّ فصحاء العرب وبلغاؤهم بالعجز عن معارضة القرآن
__________________
(١) العنكبوت : ٤٨.
(٢) راجع في ذلك : مفاهيم القرآن : ٣ / ٣٢١ ـ ٣٢٧.