وأنّه ليس من سنخ كلام البشر ، اتّهموه بأنّه أساطير الأوّلين تملى عليه بكرة وأصيلاً يمليها عليه بشر (١) ويردّه تعالى بقوله :
(لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) (٢).
فمن لاحظ ذاك المعهد البسيط يذعن بأنّ من الممتنع أن يخرج منه شخصيّة فذَّة كشخصيّة النبيّ صلىاللهعليهوآله وكتاب مثل كتابه إلّا أن يكون له صلة بقدرة عظيمة مهيمنة على الكون ، كما أنّه لو قارن القرآن فيما يبيّنه في مجال المعارف ويقصّه من قصص الأنبياء الإلهيّين بالعهدين ، يتجلّى له أنّ القرآن لم يتأثّر في ذلك بالعهدين ، بل ويتّضح له أنّ ما في العهدين ليس وحياً إلهياً وإنّما هي من منشئات الأحبار والرهبان خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيّئاً فموّهوا الكتب السماوية بخرافاتهم. (٣)
وفي ذلك يقول العلّامة الطباطبائي قدسسره :
إنّ من قرأ العهدين وتأمّل ما فيهما ثمّ رجع إلى ما قصّه القرآن من تواريخ الأنبياء السالفين وأُممهم رأى أنّ التاريخ غير التاريخ
__________________
(١) يقول سبحانه : («وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) (الفرقان : ٥). ويقول : (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ») (النحل : ١٠٣) وقالوا فيه وجوهاً فعن ابن عباس : قالت قريش إنّما يعلّمه بلعام ، وكان قيناً بمكّة رومياً نصرانياً ، وقال الضحاك : أراد به سلمان الفارسي ، قالوا : إنّه يتعلّم القصص منه ، وقيل غير ذلك. راجع : مجمع البيان : ٣ / ٣٨٦. والكشّاف : ٣ / ٢١٨.
(٢) النحل : ١٠٣.
(٣) للوقوف على نماذج من هذه الخرافات والأباطيل في بيان قصص الأنبياء ، راجع : الإلهيات : ٢ / ٣٦١ ـ ٣٧٦.