الحضارة والحاجات في حال تزايد وتكامل ، فكيف تعالج القوانين المحدودة الواردة في الكتاب والسنّة ، الحاجات المستحدثة غير المحدودة؟
والجواب : أنّ خلود التشريع الإسلامي وغناه عن كلّ تشريع مبنيّ على أُمور تالية :
اعترف القرآن والسنّة بحجيّة العقل في مجالات خاصّة ، ممّا يرجع إليه القضاء فيها ، وقد بيّن مواضع ذلك في كتب أُصول الفقه ، فهناك موارد من الأحكام العقلية الكاشفة عن أحكام شرعية ، كاستقلال العقل بقبح العقاب بلا بيان ، الملازم لعدم ثبوت الحرمة والوجوب إلّا بالبيان ، واستقلاله بلزوم الاجتناب عن أطراف العلم الإجمالي في الشبهات التحريمية ، ولزوم الموافقة القطعية في الشبهات الوجوبية ، واستقلاله بإطاعة الأوامر الظاهرية.
ومن مصاديق هذا الأصل قاعدة الأهمّ والمهمّ.
توضيح ذلك : يستفاد من القرآن الكريم بجلاء أنّ الأحكام الشرعية تابعة للمصالح والمفاسد ، وبما أنّ للمصالح والمفاسد درجات ومراتب ، عقد الفقهاء باباً لتزاحم الأحكام وتصادمها ، فيقدّمون الأهم على المهمّ ، والأكثر مصلحة على الأقلّ منه ، وقد أعان فتح هذا الباب على حلّ كثير من المشاكل الاجتماعية الّتي ربّما يتوهّم الجاهل أنّها تعرقل خُطى المسلمين في معترك الحياة.