وبما أنّ هذا البحث ، يرجع إلى علم أُصول الفقه نقتصر على هذا القدر ، ونختم الكلام بحديث عن الإمام موسى بن جعفر عليهالسلام وهو يخاطب تلميذه هشام بن الحكم بقوله : «إنّ لله على الناس حجّتين : حجَّة ظاهرة ، وحجَّة باطنة. فأمّا الظاهرة فالرسل والأنبياء والأئمّة ، وأمّا الباطنة فالعقول». (١)
إنّ من مواهب الله تعالى العظيمة على الأُمة الإسلامية ، تشريع الاجتهاد ، وقد كان الاجتهاد مفتوحاً بصورته البسيطة بين الصحابة والتابعين ، كما أنّه لم يزل مفتوحاً بين أصحاب الائمّة الطاهرين عليهمالسلام.
وقد جنت بعض الحكومات في المجتمعات الإسلامية حيث أقفلت باب الاجتهاد في أواسط القرن السابع وحرمت الأُمة الإسلاميّة من هذه الموهبة العظيمة ، يقول المقريزي :
استمرّت ولاية القضاة الأربعة من سنة ٦٦٥ ، حتّى لم يبق في مجموع أمصار الإسلام مذهب يعرف من مذاهب الإسلام ، غير هذه الأربعة وعودي من تمذهب بغيرها وأنكر عليه ، ولم يولَّ قاض ، ولا قبلت شهادة أحد ما لم يكن مقلِّداً لأحد هذه المذاهب ... (٢)
__________________
(١) الكافي : ١ / ١٦.
(٢) الخطط المقريزية : ٢ / ٣٤٤.