يلاحظ على هذه الأقوال والنظريات
أوّلاً : أنّ موقف أصحابها موقف من اعتقد بصحّة خلافة الخلفاء ، فاستدلّ به على ما يرتئيه من الرأي ، وهذا ، استدلال على المدّعى بنفسها ، وهو دور واضح.
وثانياً : أنّ هذا الاختلاف الفاحش في كيفية عقد الإمامة ، يعرب عن بطلان نفس الأصل ، لأنّه إذا كانت الإمامة مفوَّضة إلى الأُمّة ، كان على النبيّ صلىاللهعليهوآله بيان تفاصيلها وطريق انعقادها ، وليس عقد الإمام لرجل أقلّ من عقد النكاح بين الزوجين الّذي اهتمّ القرآن والسنّة ببيانه وتحديده ، والعجب أنّ عقد الإمامة الّذي تتوقّف عليه حياة الأُمّة ، لم يطرح في النصوص ـ على زعم القوم ـ ولم يتبيّن حدوده وشرائطه.
والعجب من هؤلاء الأعلام كيف سكتوا عن الاعتراضات الهائلة الّتي توجّهت من نفس الصحابة من الأنصار والمهاجرين على خلافة الخلفاء الّذين تمَّت بيعتهم ببيعة الخمسة في السقيفة ، أو بيعة أبي بكر لعمر ، أو بشورى الستّة ، فإنّ من كان ملِمّاً بالتاريخ ، يرى كيف كانت عقيرة كثير من الصحابة مرتفعة بالاعتراض ، حتى أنّ الزبير وقف في السقيفة أمام المبايعين وقد اخترط سيفه وهو يقول :
«لا أغمده حتى يبايع عليّ ، فقال عمر : عليكم الكلب فأخذ سيفه من يده ، وضرب به الحجر وكسر». (١)
__________________
(١) الإمامة والسياسة : ١ / ١١.