هي وظيفة القائد الحكيم الّذي أرسى قواعد دينه على تضحيات عظيمة؟ فهل المصلحة كانت تقتضي تنصيب قائد حكيم عارف بأحكام القيادة ووظائفها حتى يجتمع المسلمون تحت رايته ويكونوا صفّاً واحداً في مقابل ذاك الخطر ، أو أنّ المصلحة العامّة تقتضي تفويض الأمر إلى الأُمّة حتى يختاروا لأنفسهم أميراً ، مع ما يحكيه التاريخ لنا من سيطرة الروح الحزبيّة على المسلمين آنذاك؟ ويكفي شاهداً على ذلك ما وقع من المشاجرات بين المهاجرين والأنصار يوم السقيفة. (١)
إنّ القائد الحكيم هو من يعتني بالأوضاع الاجتماعية لأُمّته ، ويلاحظ الظروف المحيطة بها ، ويرسم على ضوئها ما يراه صالحاً لمستقبلها ، وقد عرفت أنّ مقتضى هذه الظروف هو تعيين القائد والمدبّر ، لا دفع الأمر إلى الأُمّة. وإلى ما ذكرنا ينظر قول الشيخ الرئيس ابن سينا في حقّ الإمام :
«والاستخلاف بالنصّ أصوب ، فإنّ ذلك لا يؤدّي إلى التشعّب والتشاغب والاختلاف». (٢)
هذا حاصل ما سلكناه في بيان وجوب تنصيب الخليفة والإمام للأُمّة الإسلامية من جانب النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله على ضوء العقل الفطري ودراسة التاريخ الإسلامي وشئون الرسالة النبويّة ومسئولياتها الخطيرة ، وهذا
__________________
(١) راجع : السيرة النبوية : ٢ / ٦٥٩ ـ ٦٦٠.
(٢) الشفاء الإلهيات ، المقالة العاشرة ، الفصل الخامس : ٥٦٤.