المسلك يقرب ممّا سلكه مشايخنا الإماميّة في هذا المجال من الاستناد بقاعدة اللطف ، وفي ذلك يقول السيّد المرتضى :
والّذي يدلّ على ما ادّعيناه إنّ كلّ عاقل عرف العادة وخالط الناس ، يعلم ضرورة أنّ وجود الرئيس المصيب النافذ الأمر ، السديد التدبير ترتفع عنده التظالم والتقاسم والتباغي أو معظمه ، أو يكون الناس إلى ارتفاعه أقرب ، وإن فقد من هذه صفته يقع عنده كلّ ما أشرنا إليه من الفساد أو يكون الناس إلى وقوعه أقرب ، فالرئاسة على ما بيَّنّاه لطف في فعل الواجب والامتناع من القبيح ، فيجب أن لا يخلّي الله تعالى المكلّفين منها ، ودليل وجوب الالطاف يتناولها. (١)
هذا الاستدلال كما ترى مؤلّف من مقدمتين :
الأولى : إنّ نصب الإمام لطف من الله على العباد.
الثانية : إنّ اللطف واجب على الله لما تقتضيه حكمته تعالى.
أمّا المقدمة الأولى ، فلأنّ اللطف هو ما يقرّب المكلّفين إلى الطاعة ويبعّدهم عن المعصية ولو بالإعداد ، وبالضرورة أنّ نصب الإمام كذلك لما به من بيان المعارف والأحكام الإلهيّة وحفظ الشريعة من الزيادة والنقصان وتنفيذ الأحكام ورفع الظلم والفساد ونحوها.
وأمّا المقدّمة الثانية ، فلأنّ ترك هذا اللطف من الله سبحانه إخلال بغرضه
__________________
(١) الذخيرة في علم الكلام : ٤١٠.