فقلت : هكذا مسألتي. فقال : يا بنيَّ سَل وإن كانت مسألتك حمقاً.
قلت : أجِبْني فيها. قال لي : سَل.
قلت : ألك عين؟ قال : نعم ، قلت : فما تصنع بها؟ قال : أرى بها الألوان والأشخاص.
قلت : فلك أنف؟ قال : نعم ، قلت : فما تصنع به؟ قال : أشمّ به الرائحة.
قلت : ألك فم؟ قال : نعم ، قلت : فما تصنع به؟ قال : أذوق به الطعم.
قلت : فلك أُذن؟ قال : نعم ، قلت : فما تصنع بها؟ قال : أسمع بها الصوت.
قلت : ألك قلب؟ قال : نعم ، قلت : فما تصنع به؟ قال : أُميِّز به كلّ ما ورد على هذه الجوارح والحواس.
قلت : أو ليس في هذه الجوارح غنى عن القلب؟ فقال : لا ، قلت : وكيف ذلك وهي صحيحة سليمة؟
قال : يا بني : إنّ الجوارح إذا شكّت في شيء شمَّته أو رأته أو ذاقته أو سمعته ، ردَّته إلى القلب فيستيقن اليقين ويبطل الشكّ.
فقلت له : فإنّما أقام الله القلب لشكّ الجوارح؟ قال : نعم.
قلت : لا بدّ من القلب وإلّا لم تستيقن الجوارح؟ قال : نعم.
فقلت له : يا أبا مروان فالله تبارك وتعالى لم يترك جوارحك حتى جعل لها إماماً يصحّح لها الصحيح ويتيقّن به ما شكّ فيه ، ويترك هذا الخلق