كلّهم في حيرتهم وشكّهم واختلافهم ، لا يقيم لهم إماماً يردون إليه شكّهم وحيرتهم ، ويقيم لك إماماً لجوارحك ترد إليه حيرتك وشكّك؟
فسكت ولم يقل لي شيئاً ... ثمّ ضمّني إليه وأقعدني في مجلسه ، وما زال عن مجلسه وما نطق حتى قمت.
فضحك أبو عبد الله عليهالسلام وقال : يا هشام من علّمك هذا؟
قلت : شيء أخذته منك وألَّفته.
قال عليهالسلام : هذا والله مكتوب في صحف إبراهيم وموسى. (١)
ولعلّ قوله عليهالسلام : هذا والله مكتوب الخ ، إشارة إلى أنّ مسألة نصب الخليفة والإمام الّتي يحكم بها العقل الصريح ، كانت من سنن الأنبياء والمرسلين ، وإنّما ذكر إبراهيم وموسى لما كان لهما من المكانة الخاصّة في هذا المجال ، ولذلك أيضاً ذكر القرآن ما استدعياه من الله سبحانه في أمر الإمامة والوزارة (٢) ويدلّ على ذلك أيضاً ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنّه قال : «كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلَّما هلك نبي خلفه نبيّ ، وإنّه لا نبيّ بعدي ، وسيكون بعدي خلفاء يكثرون». (٣)
وظاهر الحديث أنّ استخلاف الخلفاء في الأُمّة الإسلامية ، كاستخلاف الأنبياء في الأُمم السالفة ، ومن المعلوم أنّ الاستخلاف كان هناك بالتنصيص.
__________________
(١) الكافي : ج ١ ، كتاب الحجّة ، باب الاضطرار الى الحجّة ، الحديث ٣.
(٢) لاحظ : البقرة : ١٢٤ ، وطه : ٣٠.
(٣) جامع الأُصول لابن أثير الجزري ، ٤٤٣ الفصل الثاني.