ومن البديهي أنّه سبحانه لا يرضى لعباده الكفر والعصيان ولو كان على سبيل الإطاعة عن شخص آخر ، وعليه تكون طاعة أولى الأمر فيما إذا أمروا بالعصيان محرّماً.
فمقتضى الجمع بين هذين الأمرين أن يكون أولو الأمر الّذين وجبت إطاعتهم على وجه الإطلاق معصومين لا يصدر عنهم معصية مطلقاً ، فيستكشف من إطلاق الأمر بالطاعة اشتمال المتعلّق على خصوصيّة تصدّه عن الأمر بغير الطاعة.
هذا ، مضافاً إلى أنّ أولى الأمر معطوف على الرسول بلا إعادة فعل «اطيعوا» وهذا دليل على وحدة الملاك في اطاعة الرسول واولى الامر فكما أنّ وجوب إطاعة الرسول صلىاللهعليهوآله ، مطلق ومتفرع على عصمته ، فكذلك وجوب إطاعة أولى الامر مطلق ومتفرع على عصمتهم.
وممَّن صرَّح بدلالة الآية على عصمة أُولى الأمر الإمام الرازي في تفسيره ، ولكنّه لم يستثمر نتيجة ما هداه إليه استدلاله المنطقي ، حيث استدرك قائلاً بأنّا عاجزون عن معرفة الإمام المعصوم والوصول إليه واستفادة الدّين والعلم منه ، فلا مناص من كون المراد هو أهل الحلّ والعقد. (١)
يلاحظ عليه : أنّه إذا دلّت الآية على عصمة أولى الأمر فيجب علينا التعرّف عليهم ، وادّعاء العجز هروب من الحقيقة ، فهل العجز يختصّ بزمانه
__________________
(١) مفاتيح الغيب : ١٠ / ١٤٤.