٣
برهان الإمكان والوجوب
إنّ برهان الإمكان والوجوب من أحكم البراهين على وجود الواجب الوجود بالذّات وهو الله ـ عزّ اسمه ـ ومن هنا قد اكتفى به المتكلم البارع نصير الدين الطوسي في سفره القيّم «تجريد الاعتقاد» وتقرير هذا البرهان يتوقّف على بيان أُمور :
الأمر الأوّل : تقسيم الموجود إلى الواجب والممكن ، وذلك لأنّ الموجود إمّا أن يستدعي من صميم ذاته ضرورة وجوده ولزوم تحقّقه في الخارج ، فهذا هو الواجب لذاته ، وإمّا أن يكون متساوي النسبة إلى الوجود والعدم ولا يستدعي في حدّ ذاته أحدهما أبداً ، وهو الممكن لذاته ، كأفراد الإنسان وغيره.
الأمر الثاني : كلّ ممكن يحتاج إلى علّة في وجوده ، وهذا من البديهيات الّتي لا يرتاب فيها ذو مُسكة ، فإنّ العقل يحكم بالبداهة على أنّ ما لا يستدعي في حدّ ذاته الوجود ، يتوقف وجوده على أمر آخر وهو العلّة ، وإلّا فوجوده ناش من ذاته ، هذا خلف.