وتوقّفها عند نقطة خاصّة ، وهي الموجود الّذي قائم بنفسه وغير محتاج إلى غيره وهو الواجب الوجود بالذات.
فإن قلت : إنّ كلّ معلول من السلسلة متقوّم بالعلّة الّتي تتقدّمه ومتعلّق بها ، فالجزء الأوّل من آخر السلسلة وجد بالجزء الثاني ، والثاني بالثالث ، وهكذا إلى أجزاء وحلقاتٍ غير متناهية ، وهذا المقدار من التعلّق يكفي لرفع الفقر والحاجة.
قلت : المفروض أنّ كلّ جزء من أجزاء السلسلةُ متَّسم بوصف الإمكان والمعلولية ، وعلى هذا فوصف العلّيّة له ليس بالأصالة والاستقلال ، فليس لكلّ حلقة دور الإفاضة والإيجاد بالاستقلال ، فلا بدّ أن يكون هناك علّة وراء هذه السلسلة ترفع فقرها وتكون سناداً لها.
ولتوضيح الحال نمثّل بمثال وهو أنّ كلّ واحدة من هذه المعاليل بحكم فقرها الذاتي ، بمنزلة الصفر ، فاجتماع هذه المعاليل بمنزلة اجتماع الأصفار ، ومن المعلوم أنّ الصفر بإضافة أصفار متناهية أو غير متناهية إليه لا ينتج عدداً ، بل يجب أن يكون إلى جانب هذه الأصفار عدد صحيح قائم بالذات حتّى يكون مصحِّحاً لقراءة تلك الأصفار.
فقد خرجنا بهذه النتيجة وهي أنّ فرض علل ومعاليل غير متناهية مستلزم لأحد أمرين : إمّا تحقّق المعلول بلا علّة ، وإمّا عدم وجود شيء في الخارج رأساً ، وكلاهما بديهي الاستحالة.