إنّ العباد فريقان : مطيع وعاص ، والتسوية بينهما بصورها (١) المختلفة خلاف العدل ، فهنا يستقلّ العقل بأنّه يجب التفريق بينهما من حيث الثواب والعقاب ، وبما أنّ هذا غير متحقّق في النشأة الدنيوية ، فيجب أن يكون هناك نشأة أخرى يتحقّق فيها ذلك التفريق ، وإلى هذا البيان يشير المحقّق البحراني بقوله :
إنّا نرى المطيع والعاصي يدركهما الموت من غير أن يصل إلى أحد منهما ما يستحقّه من ثواب أو عقاب ، فإن لم يحشروا ليوصل إليهما ذلك المستحق لزم بطلانه أصلاً. (٢)
وإلى هذا الدليل العقلي يشير قوله تعالى : (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ* أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) (٣).
وقوله تعالى : (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ* ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (٤).
وقوله سبحانه :
__________________
(١) وهي : إثابة الجميع ، وعقوبة الجميع ، وتركهم سدى من دون أن يحشروا.
(٢) قواعد المرام : ١٤٦.
(٣) ص : ٢٨.
(٤) القلم : ٣٥ ـ ٣٦.