والصباوة والشّباب ، والكهولة ، فهناك وراء بدن الإنسان وتحوّلاته البدنيّة حقيقة باقية ثابتة رغم تغيّر الأحوال وتصرّم الأزمنة.
فلو كانت تلك الحقيقة الّتي يحمل عليها تلك الصفات أمراً مادّيّاً مشمولاً لسنّة التغيّر والتحوّل لم يصحّ حمل تلك الصفات على شيء واحد حتّى يقول : أنا الّذي كتبت هذا الخط يوم كنت صبيّاً أو شابّا ، وأنا الّذي فعلت كذا وكذا في تلك الحالة وذلك الوقت.
الانقسام والتجزّؤ من لوازم المادّة ، ولكن كلّ واحد منّا إذا رجع إلى ما يشاهده في صميم ذاته ، ويعبّر عنه ب «أنا» وجده معنى بسيطاً غير قابل للانقسام والتجزّي ، فارتفاع أحكام المادّة ، دليل على أنّه ليس بمادّي.
إنّ عدم الانقسام لا يختصّ بالنفس بل هو سائد على الصفات النفسانية من الحبّ والبغض والإرادة والكراهة والإذعان ونحو ذلك ، اعطف نظرك إلى حبّك لولدك وبغضك لعدوّك فهل تجد فيهما تركّباً ، وهل ينقسمان إلى أجزاء؟ كلّا ، ولا.
فظهر أنّ الروح وآثارها ، والنفس والنفسانيات كلّها موجودات واقعية خارجة عن إطار المادة.
الآيات القرآنية الدالّة على بقاء النفس بعد الموت تصريحاً أو تلويحاً كثيرة نأتي بنماذج منها :