مقابل سائر اللّذات الجسمانية ويصفه بكونه أكبر من الأُولى وأنّه هو الفوز العظيم ، ومن المعلوم أنّ هذا النوع من اللّذة لا يرجع إلى الجسم والبدن ، بل هي لذَّة تدرك بالعقل والروح في درجتها القصوى.
٢. يقول سبحانه : (وَعَدَ اللهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْكُفَّارَ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللهُ وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ) (١) يظهر عظم هذا الألم بوقوع هذه الآية قبل آية الرضوان ، فكأنَّ الآيتين تعربان عن اللَّذات والآلام العقلية الّتي تدركها الروح بلا حاجة إلى الجسم والبدن.
٣. يقول سبحانه في وصف أصحاب الجحيم : (كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ) (٢) إنّ عذاب الحسرة أشدّ على النفس ممّا يحلّ بها من عذاب البدن ، ولأجل ذلك يسمّى يوم القيامة ، يوم الحسرة ، قال سبحانه : (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ) (٣)
نختم الكلام بما أفاده المحقّق الطوسي في المقام حيث قال :
«أمّا الأنبياء المتقدّمون على محمّد صلىاللهعليهوآله فالظاهر من كلام أُممهم أنّ موسى عليهالسلام لم يذكر المعاد البدني ، ولا أنزل عليه في التوراة لكن جاء ذلك في كتب الأنبياء الّذين جاءوا بعده ، كحزقيل وأشعيا عليهماالسلام ولذلك أقرّ اليهود به ، وأمّا في الإنجيل فقد ذكر : أنّ الأخيار يصيرون كالملائكة وتكون لهم الحياة الأبدية ،
__________________
(١) التوبة : ٦٨.
(٢) البقرة : ١٦٧.
(٣) مريم : ٣٩.