وتلك الأجزاء إمّا يعاد مع بدن الآكل ، وإمّا يعاد مع بدن المأكول ، أو لا يعاد أصلاً. (١) ولازم الجميع عدم عود البدن بتمامه وبعينه ، أمّا في أحدهما كما في الفرضين الأوّلين ، أو في كليهما كما في الفرض الأخير ، فالمعاد الجسماني بمعنى حشر الأبدان بعينها باطل.
والمشهور عند المتكلّمين في الإجابة عنه هو أنّ بدن الإنسان مركب من الأجزاء الأصليّة والفاضلة ، والأجزاء الأصليّة باقية بعد الموت ، وعند الإعادة تؤلّف وتضمّ معها أجزاء أخرى زائدة ، والمعتبر في المعاد الجسماني هو إعادة تلك الأجزاء الأصليّة ، والأجزاء الأصليّة في كلّ بدن تكون فاضلة في غيره (٢) وإليه أشار المحقّق الطوسي بقوله : «ولا يجب إعادة فواضل المكلّف». (٣)
أقول : المعاد الجسماني لا يتوقّف على كون البدن المحشور نفس البدن الدنيوي حتّى في المادّة الترابية بل لو تكوّن بدن الإنسان المعاد من أيّة مادّة ترابية كانت وتعلّقت به الروح وكان من حيث الصورة متّحداً مع البدن الدنيوي يصدق على المعاد أنّه هو المنشأ في الدنيا.
يؤيّد ذلك قول الإمام الصادق عليهالسلام :
«فإذا قبضه الله إليه صيَّر تلك الروح إلى الجنّة في صورة كصورته فيأكلون ويشربون ، فإذا قدم عليهم القادم ، عرفهم
__________________
(١) وأمّا فرض عوده مع كلّ من الآكل والمأكول فهو ساقط رأساً ، لأنّه محال عقلاً.
(٢) قواعد المرام لابن ميثم البحراني : ١٤٤.
(٣) كشف المراد : المقصد ٦ ، المسألة ٤.