النوعية ، ففرض نفسين في بدن واحد مساوق لفرض ذاتين لذات واحدة وشخصين في شخص واحد ، وهذا محال ، على أنّ ذلك مخالف لما يجده كلّ إنسان في صميم وجوده وباطن ضميره.
فإن قلت : إنّ تعلّق النفس المنسوخة إذا كان مقارناً لصلاحية البدن لإفاضة نفس عليه ، يمنع عن إفاضتها عليه ، فلا يلزم اجتماع نفسين في بدن واحد.
قلت : إنّ استعداد المادّة البدنية لقبول النفس من واهب الصور يجري مجرى استعداد الجدار لقبول نور الشّمس مباشرة وانعكاساً ، فلا يكون أحدهما مانعاً عن الآخر ، غير أنّ اجتماع النفسين في بدن واحد ممتنع عقلاً ، والامتناع ناشٍ من فرض التناسخ كما لا يخفى.
ربما يقال : «لو كان التناسخ ممتنعاً فكيف وقع المسخ في الأُمم السّالفة ، كما صرّح به الذكر الحكيم؟» (١).
والجواب : أنّ محذور التناسخ المحال ، أمران :
أحدهما : اجتماع نفسين في بدن واحد.
ثانيهما : تراجع النفس الإنسانية من كمالها إلى الحدّ الّذي يناسب بدنها المتعلّقة به.
__________________
(١) لاحظ : الأسفار : ٩ / ١٠.