كنّي بالقبر عنها ، لأنّ النزول إلى القبر يلازم أو يكون بدءاً لوقوع الإنسان فيها.
والظاهر من الروايات تعلّق الروح بأبدان تماثل الأبدان الدنيوية ، لكن بلطافة تناسب الحياة في تلك النشأة ، وليس التعلّق بها ملازماً لتجويز التناسخ ، لأنّ المراد من التناسخ هو رجوع الشيء من الفعلية إلى القوّة ، أعني عودة الروح إلى الدنيا عن طريق النطفة ، فالعلقة ، فالمضغة إلى أن تصير إنساناً كاملاً ، وهذا منفي عقلاً وشرعاً ، كما تقدّم ، ولا يلزم هذا في تعلّقها ببدن ألطف من البدن المادي ، في النشأة الثانية.
قال الشيخ البهائى :
قد يتوهّم أنّ القول بتعلّق الأرواح ، بعد مفارقة أبدانها العنصرية ، بأشباح أُخر ـ كما دلّت عليه الأحاديث ـ قول بالتناسخ ، وهذا توهّم سخيف ، لأنّ التناسخ الّذي أطبق المسلمون على بطلانه ، هو تعلّق الأرواح بعد خراب أجسادها ، بأجسام أخر في هذا العالم ، وأمّا القول بتعلّقها في عالم آخر ، بأبدان مثالية ، مدّة البرزخ ، إلى أن تقوم قيامتها الكبرى ، فتعود إلى أبدانها الأوليّة بإذن مُبدعها ، فليس من التناسخ في شيء. (١)
__________________
(١) بحار الأنوار : ٦ / ٢٧٧.