والغرض من تشريع الشفاعة هو الغرض من تشريع التوبة الّتي اتّفقت الأُمّة على صحّتها ، وهو منع المذنبين عن القنوط من رحمة الله وبعثهم نحو الابتهال والتضرّع إلى الله رجاء شمول رحمته إليهم ، فإنّ المجرم لو اعتقد بأنّ عصيانه لا يغفر قطّ ، فلا شكّ أنّه يتمادى في اقتراف السيئات باعتقاد أنّ ترك العصيان لا ينفعه في شيء ، وهذا بخلاف ما إذا أيقن بأنّ رجوعه عن المعصية يغيّر مصيره في الآخرة ، فإنّه يبعثه إلى ترك العصيان والرجوع إلى الطاعة.
وكذلك الحال في الشفاعة ، فإذا اعتقد العاصي بأنّ أولياء الله قد يشفعون في حقّه إذا لم يهتك الستر ولم يبلغ إلى الحدّ الّذي يحرم من الشفاعة ، فعند ذلك ربّما يحاول تطبيق حياته على شرائط الشفاعة حتى لا يحرمها.
قد تعرّفت على أنّ الشفاعة المشروعة هي الشفاعة المحدودة بشروط ، وقد عرفت مجمل تلك الشروط ، وينبغي لنا أن نذكر بعض تلك الشروط تفصيلاً على ما ورد في الروايات :
وقد تقدّم ذلك فيما نقلناه من أحاديث الشفاعة.