ولكنّ المعتزلة ذهبت إلى أنّ أثرها ينحصر في رفع الدرجة وزيادة الثواب ، فهي تختصّ بأهل الطاعة ، وما هذا التأويل في آيات الشفاعة إلّا لأجل موقف مسبق لهم في مرتكب الكبيرة ، حيث حكموا بخلوده في النار إذا مات بلا توبة ، فلمّا رأوا أنّ القول بالشفاعة الّتي أثرها هو إسقاط العقاب ، ينافي ذلك المبنى ، أوّلوا آيات الله فقالوا إنّ أثر الشفاعة إنّما هو زيادة الثواب وخالفوا في ذلك جميع المسلمين. (١)
ذهب ابن تيمية ، وتبعه محمّد بن عبد الوهاب ـ مخالفَين الأُمّة الإسلاميّة جمعاء ـ إلى أنّه لا يجوز طلب الشفاعة من الأولياء في هذه النشأة ولا يجوز للمؤمن أن يقول : «يا رسول الله اشفع لي يوم القيامة».
وإنّما يجوز له أن يقول : «اللهم شفّع نبيّنا محمّداً فينا يوم القيامة».
واستدلا على ذلك بوجوه تالية :
١. إنّه من أقسام الشرك ، أي الشرك بالعبادة ، والقائل بهذا الكلام يعبد الولي. (٢)
والجواب عنه ظاهر ، بما قدّمناه في حقيقة الشّرك في العبادة ، وهي أن يكون الخضوع والتذلّل لغيره تعالى باعتقاد أنّه إله أو ربّ ، أو أنّه مفوّض إليه
__________________
(١) انظر : أوائل المقالات : ٥٤ ؛ شرح العقائد النسفية : ١٤٨ ؛ أنوار التنزيل للبيضاوي : ١ / ١٥٢ ؛ ومفاتيح الغيب للرازي : ٣ / ٥٦ ، ومجموعة الرسائل الكبرى ، لابن تيمية : ١ / ٤٠٣ ؛ وتفسير ابن كثير : ١ / ٣٠٩.
(٢) الهدية السنية : ٤٢.