ينتفي الأقل بالأكثر ، وينتفي من الأكثر بالأقلّ ما ساواه ، ويبقى الزائد مستحقّاً ، وهذا هو الموازنة. (١)
ويبطل القول الأوّل أنّه يستلزم الظلم ، لأنّ من أساء وأطاع وكانت إساءته أكثر ، يكون بمنزلة من لم يحسن ، وإن كان إحسانه أكثر ، يكون بمنزلة من لم يسيء ، وإن تساويا يكون مساوياً لمن لم يصدر عنه أحدهما وليس كذلك عند العقلاء. (٢)
وأيضاً ينافي قوله تعالى :
(فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ* وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (٣).
ويردّ قول أبي هاشم ما ذكره المحقّق الطوسي بقوله : «ولعدم الأولويّة إذا كان الأخر ضعفاً ، وحصول المتناقضين مع التساوي» (٤).
توضيحه : أنّا إذا فرضنا استحقاق المكلّف خمسة أجزاء من الثواب وعشرة أجزاء من العقاب ، وليس إسقاط إحدى الخمستين من العقاب بالخمسة من الثواب أولى من الأخرى ، فإمّا أن يسقطا معاً وهو خلاف مذهبه ، أو لا يسقط شيء منهما وهو المطلوب. ولو فرضنا أنّه فعل خمسة أجزاء من الثواب وخمسة أجزاء من العقاب ، فإن تقدّم إسقاط أحدهما
__________________
(١) كشف المراد ، المقصد السادس ، المسألة ٧.
(٢) نفس المصدر.
(٣) الزلزلة : ٧ ـ ٨.
(٤) كشف المراد : المقصد السادس ، المسألة ٧.