وبما ذكره الطبرسي يظهر جواب سؤال آخر ، وهو أنّه إذا كان الاستحقاق مشروطاً بعدم صدور العصيان فكيف يطلق عليه الإحباط ، إذ الإحباط إبطال وإسقاط ولم يكن هناك شيء يبطل أو يسقط؟
وذلك لأنّ نفس العمل في الظاهر سبب ومقتضٍ ، فالإبطال والإسقاط كما يصدقان مع وجود العلّة التامّة ، فهكذا يصدقان مع وجود المقتضي الّذي هو جزء العلّة.
هذا كلّه في الإحباط ، وأمّا التكفير فهو لا يعدّ ظلماً لأنّ العقاب حقّ للمولى وإسقاط الحقّ ليس ظلماً بل إحسان ، وخلف الوعيد ليس بقبيح عقلاً ، وإنّما القبيح خلف الوعد ، فلأجل ذلك لا حاجة إلى تقييد استحقاق العقاب أو استمراره بعدم تعقّب الطاعات ، بل هو ثابت غير أنّ المولى سبحانه عفي عبده لما فعله من الطاعات.
قال سبحانه :
(إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً)(١).(٢)
هذا ولا يصحّ القول بالإحباط والتكفير في كلّ الأعمال ، بل يجب تتّبع النصوص والاقتصار بها في ذلك.
__________________
(١) النساء : ٣١.
(٢) وفي معناها الآية ٢٩ / الأنفال ؛ والآية ٢ / محمّد.