قال العلّامة الطباطبائي :
المسلم من التبدّل أنّ حقيقة الأرض والسماء وما فيهما يومئذ هي هي ، غير أنّ النظام الجاري فيهما يومئذ غير النظام الجاري فيهما في الدنيا. (١)
وقد تعلّقت مشيئته تعالى بإخلاد الجنّة والنار والحياة الأُخروية ، وله إفاضة الطاقة ، إفاضة بعد إفاضة على العالم الأُخروي ويعرب عن ذلك قوله سبحانه :
(كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ إِنَّ اللهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً) (٢).
إنّ الحكيم لا يعاقب إلّا لغاية ، وغاية العقوبة إمّا التشفّي كما في قصاص المجرم ، وهو محال على الله ، أو تأديب المجرم ، أو اعتبار الآخرين ، وهما يختصّان بالنشأة الدنيوية ، فتعذيب المجرم في الآخرة عبث.
والجواب عنه : أنّ وقوع المعاد من ضروريات العقل ومن غاياته تحقّق العدل الإلهي بوجه كامل في مورد المكلّفين ، ويتوقّف ذلك على عقوبة المجرمين وإثابة المطيعين. (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ* ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (٣).
__________________
(١) الميزان : ١٢ / ٩٣.
(٢) النساء : ٥٦.
(٣) القلم : ٣٥ ـ ٣٦.