والجواب : أنّ الخلف في الوعد قبيح دون الوعيد ، والدليل على ذلك أنّ كلّ عاقل يستحسن العفو بعد الوعيد في ظروف خاصّة ، والوجه فيه أنّ الوعيد ليس جعل حقّ للغير بخلاف الوعد ، بل الوعيد حق لمن يَعِد فقط ، وله إسقاط حقّه ، والصدق والكذب من أحكام الإخبار دون الإنشاء ، والوعيد إنشاء ليس بإخبار فلا يعرضه الكذب.
اختلف المتكلّمون في ذلك ، فذهب الجمهور إلى أنّهما مخلوقتان ، وأكثر المعتزلة والخوارج وطائفة من الزيدية ذهبوا إلى خلاف ذلك ، قال الشيخ المفيد :
إنّ الجنة والنار في هذا الوقت مخلوقتان ، وبذلك جاءت الأخبار ، وعليه إجماع أهل الشرع والآثار ، وقد خالف في هذا القول المعتزلة والخوارج وطائفة من الزيدية ، فزعم أكثر من سمّيناه أنّ ما ذكرناه من خلقهما من قسم الجائز دون الواجب ، ووقفوا في الوارد به من الآثار ، وقال من بقي منهم بإحالة خلقهما. (١)
واستدلّ القائلون بكونهما مخلوقتين بالآيات الدالّة على أنّ الجنة أعدَّت للمتّقين والنار أُعدَّت للكافرين. (٢)
__________________
(١) أوائل المقالات : ١٤١ ـ ١٤٢ ، الطبعة الثانية ؛ ولاحظ : شرح المقاصد : ٥ / ١٠٨ ، وشرح التجريد للقوشجي : ٥٠٧.
(٢) قواعد المرام : ١٦٧.