والدليل على أنّه ليس مركّباً من الأجزاء الخارجية والمقداريّة أنّه سبحانه منزّه عن الجسم والمادّة كما سيوافيك البحث عنه في الصفات السلبية.
والبرهان على عدم كونه مركّباً من الأجزاء العقلية هو أنّ واجب الوجود بالذات لا ماهية له ، وما لا ماهية له ليس له الأجزاء العقليّة الّتي هي الجنس والفصل (١).
والوجه في انتفاء الماهيّة عنه تعالى بهذا المعنى هو أنّ الماهيّة من حيث هي هى ، مع قطع النظر عن غيرها ، متساوية النسبة إلى الوجود والعدم ، فكلّ ماهيّة من حيث هي ، تكون ممكنة ، فما ليس بممكن ، لا ماهيّة له والله تعالى بما أنّه واجب الوجود بالذات ، لا يكون ممكناً بالذات فلا ماهيّة له.
لو كان هناك واجب وجود آخر لتشارك الواجبان في كونهما واجبي الوجود ، فلا بدّ من تميّز أحدهما عن الآخر بشيء وراء ذلك الأمر المشترك ، وذلك يستلزم تركب كلّ منهما من شيئين : أحدهما يرجع إلى ما به الاشتراك ،
__________________
(١) انّ الماهية تطلق على معنيين : أحدهما ما يقال في جواب «ما» الحقيقية ويعبَّر عنها بالذات والحقيقة أيضاً ، وثانيهما ما يكون به الشيء هو هو بالفعل ، أي الهويّة ، والمراد من نفي الماهية عنه سبحانه هو المعنى الأوّل.