يلاحظ عليه : أنّه ليس المراد من «هالك» هو تحقّق انعدام كلّ شيء وبطلان وجوده ، بل المراد أنّ كلّ شيء هالك في نفسه باطل في ذاته ، هذا بناء على كون المراد بالهالك في الآية ، الهالك بالفعل ، وأمّا إذا أُريد منه الاستقبال ـ بناءً على ما قيل من أنّ اسم الفاعل ظاهر في الاستقبال ـ فهلاك الأشياء ليس بمعنى البطلان المطلق بعد الوجود بأن لا يبقى منها أثر ، فإنّ آيات القرآن ناصّة على أنّ كلّ شيء مرجعه إلى الله وإنّما المراد بالهلاك على هذا الوجه ، تبدّل نشأة الوجود والانتقال من الدنيا إلى الآخرة ، وهذا يختصّ بما يكون وجوده وجوداً دنيوياً محكوماً بأحكامها ، فالجنّة والنّار الأخرويان خارجان من مدلول الآية تخصّصاً.
وقد أجيب عن الإشكال بمنع الملازمة ، وحمل دوام أُكُلِها وظلّها على دوامها بعد وجودها ودخول المكلّفين فيها. (١)
المشهور عند المتكلّمين أنّ الجنّة فوق السماوات ، تحت العرش ، وأنّ النار تحت الأرضين (٢) والالتزام بذلك مشكل لعدم ورود دليل صريح أو ظاهر في ذلك ، قال المحقّق الطوسي :
والحقّ إنّا لا نعلم مكانهما ويمكن أن يستدلّ على موضع الجنة بقوله تعالى : (عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى) (٣) يعني عند سدرة المنتهى. (٤)
__________________
(١) قواعد المرام : ١٦٨.
(٢) شرح المقاصد : ٥ / ١١١.
(٣) النجم : ١٥.
(٤) تلخيص المحصل : ٣٩٥.