نعم ربّما يستظهر من قوله تعالى : (وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ) (١) إنّ الجنة في السماء فإنّ الظاهر من قوله : (وَما تُوعَدُونَ) هو الجنة». (٢)
هذا كلّه على القول بأنّ الجنّة والنار حسب ظواهر الكتاب موجودتان في الخارج مع قطع النظر عن أعمال المكلّفين ، وإنّهما معدَّتان للمطيع والعاصي ، وأمّا على القول بأنّ حقيقة الجنّة والنار عبارة عن تجسّم عمل الإنسان بصورة حسنة وبهيَّة أو قبيحة ومرعبة ، فالجنّة والنار موجودتان واقعاً بوجودهما المناسب في الدار الآخرة وإن كان أكثر الناس ، لأجل كونه محاطاً بهذه الظروف الدنيوية ، غير قادر على رؤيتهما ، وإلّا فالعمل سواء كان صالحاً أو طالحاً قد تحقّق وله وجودان وتمثّلان ، وكلٌّ موجود في ظرفه.
اختلفت كلمة المتكلّمين في المخلَّدين في النار ، فذهب جمهور المسلمين إلى أنّ الخلود يختصّ بالكافر دون المسلم وإن كان فاسقاً ، وذهبت الخوارج والمعتزلة إلى خلود مرتكبي الكبائر إذا ماتوا بلا توبة. (٣)
قال المحقّق البحراني :
__________________
(١) الذاريات : ٢٢.
(٢) الميزان : ١٨ / ٣٧٥.
(٣) أوائل المقالات : ٥٣.