المكلّف العاصي إمّا أن يكون كافراً أو ليس بكافر ، أمّا الكافر فأكثر الأُمّة على أنّه مخلّد في النار ، وأمّا من ليس بكافر ، فإن كانت معصيته كبيرة فمن الأُمّة من قطع بعدم عقابه وهم المرجئة الخالصة ، ومنهم من قطع بعقابه وهم المعتزلة والخوارج ، ومنهم من لم يقطع بعقابه إمّا لأنّ معصيته لم يستحقّ بها العقاب وهو قول الأشعرية ، وإمّا لأنّه يستحق بها عقاباً إلّا أنّ الله تعالى يجوز أن يعفو عنه ، وهذا هو المختار. (١)
واستدلّ المحقّق الطوسي على انقطاع عذاب مرتكب الكبيرة بوجهين حيث قال :
وعذاب صاحب الكبيرة ينقطع لاستحقاقه الثواب بإيمانه ولقبحه عند العقلاء.
توضيحه : إنّ صاحب الكبيرة يستحقّ الثواب والجنّة لإيمانه ، فإذا استحقّ العقاب بالمعصية ، فإمّا أن يقدّم الثواب على العقاب ، وهو باطل ، لأنّ الإثابة لا تكون إلّا بدخول الجنّة والداخل فيها مخلّد بنصّ الكتاب المجيد وعليه إجماع الأُمّة ، أو بالعكس وهو المطلوب.
أضف إلى ذلك أنّ لازم عدم الانقطاع أن يكون من عبد الله تعالى مدّة عمره بأنواع القربات إلى الله ، ثمّ عصى في آخر عمره معصية واحدة مع
__________________
(١) قواعد المرام : ١٦٠.