حفظ إيمانه ، مخلّداً في النار ، ويكون نظير من أشرك بالله تعالى مدّة عمره وهو قبيح عقلاً محال على الله سبحانه. (١)
واستدلّت المعتزلة على خلود الفاسق في النّار بإطلاق الآيات الواردة في الخلود ، ولكنّ المتأمّل في الآيات يقف على قرائن تمنع من الأخذ بإطلاقها ولا نرى ضرورة في التعرّض لها. (٢)
إنّ من السنن العقلية المقرّرة رعاية المعادلة بين الجرم والعقوبة ، وهذه المعادلة منتفية في العذاب المخلّد ، فإنّ الذنب كان موقتاً منقطعاً.
والجواب عنه أمّا أوّلاً : فإنّ المراد من المعادلة بين الجرم والعقوبة ليس هو في جانب الكمّيّة ومن حيث الزمان ، بل في جانب الكيفيّة ومن حيث عظمة الجرم بلحاظ مفاسده الفردية أو النوعية ، كما نرى ذلك في العقوبات المقرّرة عند العقلاء لمثل القتل والإخلال في النظم الاجتماعي ، ونحو ذلك ، فالجرم يقع في زمان قليل ومع ذلك فقد يحكم عليه بالأعدام والحبس المؤبَّد.
وأمّا ثانياً : «فإنّ العذاب في الحقيقة أثر لصورة الشّقاء الحاصلة بعد تحقّق علل معدّة وهي المخالفات المحدودة وليس أثراً لتلك العلل
__________________
(١) لاحظ : كشف المراد ، المقصد ٦ ، المسألة ، ٨.
(٢) راجع في ذلك : الإلهيات : ٢ / ٩٠٦ ـ ٩١١ الطبعة الأُولى ؛ ومنشور جاويد : ج ٩ ، فصل ٢٦ ، وهو تفسير موضوعي للقرآن الكريم لشيخنا الأُستاذ ـ دام ظلّه ـ (فارسي).