إنّ الواقف على عناية المسلمين بجمع الكتاب وحفظه وضبطه ، قراءة وكتابة ، يقف على بطلان تلك المزعمة (التحريف) وأنّه لا ينبغي أن يركن إليها ذو مسكة ، وما ورد فيه من الأخبار بين ضعيف لا يستدلّ به ، إلى مجعول تلوح منه أمارات الجعل ، إلى غريب يقضى منه العجب ، إلى صحيح يدلّ على أنّ مضمونه ، تأويل الكتاب وتفسيره. (١)
أجل ، الغفلة عن ذلك وعدم التفرقة بين تأويل القرآن وتنزيله دعا بعضهم إلى القول بالتحريف ، قال المفيد (المتوفّى ٤١٣ ه) :
قد قال جماعة من أهل الإمامة إنّه لم ينقص من كلمة ولا من آية ولا من سورة ، ولكن حذف ما كان مثبتاً في مصحف أمير المؤمنين عليهالسلام من تأويله وتفسير معانيه على حقيقة تنزيله ، وذلك كان ثابتاً منزلاً وإن لم يكن من جملة كلام الله تعالى الّذي هو القرآن المعجز وقد يسمّى تأويل القرآن قرآناً ـ إلى أن قال : ـ
وعندي أنّ هذا القول أشبه من مقال من ادّعى نقصان كلم من نفس القرآن على الحقيقة دون التأويل ، وإليه أميل والله أسأل توفيقه للصواب. (٢)
__________________
(١) تهذيب الأُصول : ٢ / ١٦٥.
(٢) أوائل المقالات : الباب ٨١ ، ٥٩.