إنّ القائلين بعدالة الصحابة جميعاً يتمسّكون بما يروى عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قال : «أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم». (١)
أقول : كيف يصح إسناد هذا الحديث إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله مع أنّ لازمه الأمر بالمتناقضين؟ لأنّ هذا يوجب أن يكون أهل الشام في صفّين على هدى ، وأن يكون أهل العراق أيضاً على هدى ، وأن يكون قاتل عمار بن ياسر مهتدياً ، وقد صحّ الخبر عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قال له : «تقتلك الفئة الباغية».
وقال سبحانه : (فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ) (٢)
فدلّ على أنّها ما دامت موصوفة بالمقام على البغي فهي مفارقة لأمر الله ، ومن يفارق أمر الله لا يكون مهتدياً.
إنّ هذا الحديث موضوع على لسان النبيّ الأكرم ، كما صرّح بذلك جماعة من أعلام أهل السنّة ، قال أبو حيّان الأندلسي : «هو حديث موضوع لا يصحّ بوجه عن رسول الله». ثمّ نقل قول الحافظ ابن حزم في رسالته «إبطال الرأي والقياس» ما نصّه : «وهذا خبر مكذوب باطل لم يصحّ قطّ».
ثمّ نقل عن البزّاز صاحب المسند قوله : «وهذا كلام لم يصحّ عن النبيّ صلىاللهعليهوآله وشرع بالطعن في سنده». (٣)
__________________
(١) جامع الأصول : ٩ / ٤١٠ ، كتاب الفضائل ، الحديث ٦٣٥٩.
(٢) الحجرات : ٩.
(٣) لاحظ جميع ذلك : في تفسير البحر المحيط : ٥ / ٥٢٨.